إنك تستخدم الفيراري كالفيات!!

من مواصفات الإنسان الذكي أن يُدير موارده بأفضل طريقة ممكنة ليستفيد الإستفادة القصوى مما لديه ويتميز عن الإنسان العادي الذي لا يحقق هذه الإستفادة القصوى
"إنك تستخدم الفيراري كالفيات"، عبارة ألقاها زلاتان إبراهيموفيتش على مسامع مدربه في برشلونة بيب جوارديولا عندما أراد أن يلزمه بالتواجد داخل منطقة الجزاء فقط ولا يخرج منها ليلعب بالحرية التي إعتادها في فرقه السابقة

وكما نعلم فإن إبرا يتميز باللعب خارج منطقة الجزاء حيث يلعب بحرية أكبر وأريحية أكثر من اللعب داخل منطقة الجزاء فهو لا يستمتع بالكرة كمهاجم متمركز ينتظر داخل منطقة الجزاء لينهي الهجمات دون أن يشارك في صناعتها

بينما يتميز إبرا بلمسة فنية ممتازة على صعيد التمرير أكثر من التسجيل فمعدل أهدافه على مدار مسيرته لا يليق بإسمه وشعبيته التي تنبع من إمكانياته على صعيد صناعة الفرص وتهيئة الكرات لمن حوله ليميل أكثر للعب خارج منطقة الجزاء بحرية هرباً من الرقابة وسعياً خلف وضع بصمته على كل هجمة بعكس أي مهاجم متمركز رأس ماله هو التواجد داخل منطقة الجزاء ليتصيد الفرص ويحولها لأهداف بوضع اللمسة الأخيرة في الهجمة

وأنا بالتأكيد لا أتفق مع إبرا في وصف رأس الحربة المتمركز بالفيات فرأس الحربة المتمركز بإمكانه أن يكون بنفس أهمية المهاجم المتحرك وصانع الألعاب فلا أعتقد أن فيليبو إنزاجي أو كريستيان فييري مثلاً كانا لاعبان عاديان ونعلم قيمتهما تماماً

المهاجم المتمركز يتميز بخصائص وصفات مختلفة عن المهاجم المتحرك أو صانع الألعاب ولكنه ليس أقل منه أهمية أبداً فكل المراكز تؤدي إضافة للفريق حسب إمكانياتها

ولعل من مميزات رأس الحربة المتمركز أن يُجيد حسن التمركز داخل منطقة الجزاء فكم من كرة عرضية طاشت لأن المهاجم يقف في مكان خاطئ كأن يقف بالقرب من المدافع ويستسلم لرقابته فيُسهل عليه قطع الكرة قبل وصولها إليه أو يقف في مكان يستحيل على حامل الكرة إيصال الكرة إليه

ويتميز كذلك بالقدرة على المشاكسة مع المدافعين فهو لا يستسلم ولا يقف في مكان ثابت ليُسهل عزله عن باقي الفريق ولا يترك أي كرة عالية قريبة منه دون أن يُحاول عليها ويكون قوي البنية ليتحمل الإلتحامات العنيفة مع المدافعين في الكرات العالية والشد والجذب والدفع الذي يحدث بصورة شبه دائمة

كذلك يُحسن إختيار المساحة التي سيركض فيها إما لتكون مساحة تُتيح لحامل الكرة التمرير إليه بسهولة أو ليُخلي مساحة أمام القادمين من الخلف مثلما يفعل جيامباولو بادزيني في الميلان مثلاً وقبله ألبيرتو جيلاردينو لأن كلاهما ليس بالمستوى السوبر فيقوم المدرب بمنحهما الدور الثاني ليساهم في إفساح مساحات أمام القادمين من الخلف

بينما يتميز المهاجم المتحرك أو صانع الألعاب بالقدرة على التمرير السريع فور ملاحظته لتحرك سريع من لاعب أخر في مساحة يستطيع فيها أن يُروض الكرة ويستفيد منها ويستطيع أن يكون حلقة الوصل بين لاعبي الوسط وبين الهجوم وتواجده في أي مكان بالقرب من حامل الكرة ليستطيع أن يصنع فرصة هدف دون أن يحتاج لاعبي الوسط الأخرين أي مهارات خاصة ليقوموا بإرسال الكرة له لو كان يقف بعيداً عنهم

وبالتأكيد لو أخطأ المدرب وعكس المواقع فإن رأس الحربة المتمركز سيفشل حتماً في صناعة أي فرصة للمتحرك وسيفشل الأخير في القتال على الكرات العالية وفي أن يتمركز بشكل ذكي ليجعل وصول الكرة إليه سهلاً وكذلك قدرته على التسجيل تصبح أكثر سهولة ولن تُتاح مساحات خالية أمام اللاعبين الأخرين لأنه لا يتحرك بالذكاء الكافي خلف الدفاعات

ولكن المُلاحظ على ماسيميليانو أليجري مدرب الميلان أنه يكرر نفس خطأ جوارديولا فهو يخنق ماريو بالوتيللي داخل منطقة الجزاء رغم أنه خارج منطقة الجزاء لديه إمكانيات أعلى بكثير من إمكانياته كرأس حربة متمركز



في الفيديو السابق ملخص للقاء الميلان وباليرمو وبعد مرور 1 وخمسون ثانية يقوم بالوتيللي بإرسال كرة حريرية لبواتينج ليضعه في إنفراد، كرة تذكرني بإمكانيات إبرا الذي كان يقوم بهذا الأمر بسلاسة مدهشة لا أجدها حالياً سوى في بالوتيللي ولو بشكل أقل من إبرا

يمتلك بالوتيللي مهارات كثيرة تليق بلاعب خارج المنطقة فهو مراوغ جيد جداً ومن الطبيعي أن يتواجد اللاعب المراوغ خارج منطقة الجزاء لأنه بداخلها كل ما عليه هو القتال لإستلام الكرة وسط مضايقة الدفاع له ولن يجد مساحات ليقوم بالمراوغة داخل المنطقة فعادةً اللاعب المراوغ يلعب خارج المنطقة بينما اللاعب الذي يُجيد إنهاء الهجمة يتواجد بداخلها إنتظاراً لتمريرة حريرية من اللاعب الأول

والدليل على كلامي هو أن الميلان كثيراً ما عانى بوجود بالوتيللي داخل منطقة الجزاء من إنعدام الفرص المصنوعة ويقوم أليجري بإدخال بادزيني ويحرر بالوتيللي وهنا تنقلب الأمور كما حدث مثلاً أمام كاتانيا لأن بالوتيللي تحرر من الرقابة اللصيقة داخل المنطقة ليتواجد خارجها بحرية أكبر ويقوم بالتسديد كما يحلو له ويتفرغ بادزيني للمتابعة عندما ترتد الكرة من الحارس فهو هنا يستطيع توقع المكان الذي سيقوم الحارس برد الكرة إليه وهو ما لا يمتلكه بالوتيللي بنفس القدر

وأرى أن مشكلة بالوتيللي أن قدراته الجسمانية قوية للغاية فهو طويل القامة وقوي البنية وقادر على الالتحام مع المدافعين ولكنه يمتلك من المهارات ما يؤهله للعب دور إبرا كلاعب يميل للصناعة أكثر من إنهاء الهجمة بدلاً من خنقه داخل منطقة الجزاء وتعرضه للإلتحامات القوية مع المدافعين فبادزيني قادر على ذلك ولكن لا أحد في الميلان قادر على صناعة اللعب من وسط الملعب بنفس كفاءة بالوتيللي ولا حتى ريكاردو مونتوليفو نفسه فبالوتيللي أفضل منه في ذلك في توقعي شريطة أن ينال الحرية التي نالها إبرا ليلعب بعيداً من المنطقة الحمراء التي سينال فيها ضربات من المدافعين تجعله يقع على الأرض أكثر مما يقف على قدميه كأي مهاجم متمركز مهمته الحصول على أخطاء قريبة من المرمى